على أبواب الاعتقال
جاء ليل الاثنين بسكونه وهدوئه يُخيّم على النجف إلاّ زقاق منزل السيّد الصدر(رحمة الله) حيث كان الاستعداد قائماً على قدم وساق تمهيداً لاعتقاله، وكانت في الأيام الماضية تصل إلى مسامع السيّد الصدر(رحمة الله) - ومن طرق عديدة - تهديدات مدير أمن النجف (أبي سعد) بالاعتقال، وكان السيّد الصدر(رحمة الله) مستعدّاً لذلك.
وبعد الساعة الحادية عشرة كان الشيخ محمّد رضا النعماني ينظر من خلال فتحة أحدثها كسرٌ صغيرٌ في زجاجة النافذة المطلّة على الزقاق، فرأى أفراد الأمن واقفين عند رأس الزقاق، فأبلغ السيّدة بنت الهدى(رحمة الله) بأنّ هناك حركة غير طبيعيّة في الزقاق ومن المحتمل أن يتمّ اعتقال السيّد غداً.
وذهب إلى السيّد وأخبره بذلك الاستعداد وتلك الحشود
فقال له: « لا بأس، أنا ذاهب للنوم، لأنّي أشعر بالتعب الشديد ».
وكان قد سلّم (الخاتم) الذي يعبّر عن إمضائه والذي يختم به فتاواه ورسائله إلى من يثق به من المقرّبين منه خشية أن يُسلب منه بعد اعتقاله واستشهاده فيستغلّ في تزوير ما تحتاج إليه السلطة من فتاوى مثلاً.
وقد خرج السيّد محمود الخطيب من بيت السيّد الصدر(رحمة الله) ووصل إلى بيته حدود الساعة الثانية عشرة ليلاً.
كان الشيخ النعماني في الليل يراقب تحرّكات رجال الأمن، وكانت السيّدة بنت الهدى تسأله عن عددهم من فترة إلى أخرى حتّى أذان الفجر.
وقد قالت له: « سيعتقل السيّد في الصباح »، فقال لها - ظناً منه أنّها خائفة - : « لعلّ التحشّد بغرض منع الناس من التردّد الكثير على بيت السيّد»
فقالت: « هل تظنّ أنّي خائفة؟! كلا والله فأنا لست خائفة بل كنت أنتظر هذه الساعة ».
بعد ذلك ذهبت إلى غرفتها ثمّ جاءت بمجموعة من الصور والرسائل فقالت: « أريد أن أحرقها لكي لا تقع بيد السلطة »، فوضعاها في صفيحة وأحرقاها على سطح الدار، وأبقت مجموعة صغيرة منها كانت تعتزّ بها.
ثمّ جاءت بمجموعة خطيّة من مذكّراتها وأحرقتها كذلك، لأنّها كانت تعتقد - بسبب كثرة قوّات الأمن - أنّ هجوماً كبيراً سيقع صباح ذاك اليوم وسوف يعتقل الجميع وليس السيّد وحده، فأرادت أن لا يقع شيءٌ بيد السلطة مهما كان صغيراً.
وكان السيّد الصدر(رحمة الله) قد قرّر أن يواجه مدير الأمن بعنف إن جاء لاعتقاله، ويُعلن له
بصراحة.
__________________________
▪️مقابلة مع الشيخ محمّد رضا النعماني
▪️حدّثني بذلك السيّد محمود الخطيب بتاريخ 15/5/2004م
على أبواب الاعتقال
4/
5
Oleh
آية الله السيد محمد باقر الصدر قدس سره