اعتقال بنت الهدى
صباح الأحد 20/جمادى الأولى/1400هـ- (6/4/1980م) تمّ من جديد تطويق منزل السيّد الصدر(رحمة الله)، فاحتمل الشيخ النعماني أنّ السيّد(رحمة الله) سيعود من بغداد سالماً ويُحتَجز مرّة أخرى، وكان يقول: « يا ليت ذلك، إنّها نعمة ما أعظمها »، لكنّ السيّدة بنت الهدى قالت: « كلاّ، إنّ هؤلاء جاءوا لاعتقالي ».. فاستعدّت، وتهيّأت.
ثمّ جاء مساعد مدير أمن النجف المعروف بـ-(أبي شيماء) عند الثالثة من بعد الظهر ولم تسمح له السيّدة بنت الهدى بالدخول إلى الدار، فقال لها: « علوية، إنّ السيّد طلب حضورك إلى بغداد ».
بنت الهدى: « نعم، سمعاً وطاعةً لأخي إن كان قد طلبني، ولا تظنّ أنّي خائفة من الإعدام، والله إنّي سعيدة بذلك، إنّ هذا طريق آبائي وأجدادي ».
ضابط الأمن: « لا علوية، بشرفي إنّ السيّد طلب حضورك. وقد حاول الاتّصال بكم عدّة مرّات، ولكن يظهر أنّ الهاتف عاطل.. إنّ السيّد أراد أن يحدّثك شخصيّاً طالباً منك الحضور معنا، وسوف لا نتأخّر.. ما هي إلاّ إجراء مقابلة قصيرة معك بحضور السيّد وترجعون »..
بنت الهدى - مستهزئة - : « صدقت، بدليل أنّ قوّاتكم طوّقت بيتنا من جديد ».
وهنا جاءت السيّدة أم جعفر قائلةً: « أنا سأذهب معها ونرجع معاً إلى البيت »، ولكنّهم رفضوا ذلك.
وهنا قالت بنت الهدى: « دعني قليلاً، وسوف أعود إليك، ولا تخف، فأنا لن أهرب »، وأغلقت الباب بوجهه، ورجعت إلى داخل الدار وبصحبتها أم جعفر معاتبةً إيّاها وقالت لها: « أخيّة.. وكيف تأتين معي؟! ومن يبقى للأطفال ووالدتي الكبيرة المنكوبة؟! أخيّة ابقي أنت مع العيال والأطفال لتداريهم وسوف أذهب برعاية الله ».
ثمّ جاءت إلى الشيخ النعماني وقالت له: « أخي أبا علي، لقد أدّى أخي ما عليه، وأنا ذاهبة لكي أُؤدّي ما عليّ، إنّ عاقبتنا على خير.. أوصيك بأمّي وأولاد أخي، لم يبقَ لهم أحد غيرك، إنّ جزاءك على أمّي فاطمة الزهراء(ع) ، والسلام عليك.. »، فقال لها الشيخ: « لا تذهبي معهم »، فقالت له: « لا والله حتّى اُشارك أخي في كلّ شيء حتّى الشهادة »
وعندما أرادت الخروج أتت والدتها في حجابها الكامل وقالت لهم: « أنا سأذهب معها ولن أتركها أبداً » فقالوا لها: « إذا أتيت معنا فسننزلك في وسط الطريق، نحن لن نؤخّرها عندنا كثيراً، نطرح عليها بعض الأسئلة ثمّ نرجعها إلى البيت »، فقرأت والدتها في أذنها دعاء القرآن ثمّ خرجت.
وقيل: إنّ بنت الهدى خرجت دون أن تودّع والدتها لصعوبة تلك اللحظة عليها. وأرادت [أم جعفر] توديعها فوضعت يديها على كتفيها(رحمة الله) لتقرأ الآية الكريمة: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ فوجدتها منفعلة جدّاً وكأنّها علمت أنّها خارجة دون رجعة، فأحكمت حجابها وأُخِذَت.
اعتقال بنت الهدى
4/
5
Oleh
آية الله السيد محمد باقر الصدر قدس سره